ولذلك شملت خطة التنمية الثانية من عام 1395 هجرية حتى عام 1400 هجرية
اعتماد مبالغ مالية بلغت 1100 مليون ريال لتنفيذ مجموعة من مشروعات السكك
الحديدية منها تجديد الخط الحديدي القديم بالكامل. وإنشاء مشروع الميناء
الجاف بالرياض.
وقد شهدت ازدياداً في نقل الركاب، كما ارتفعت إيرادات نقل البضائع،
واستمرت النظرة المتفائلة للمستقبل الموعود لهذا المرفق، وعززت هذا
التفاؤل الأرقام المعتمدة ضمن الخطة الخمسية الثالثة، حيث بلغت 4.5
مليارات ريال، تم الاستفادة منها في استكمال البنية التحتية ونفذت مجموعة
من المشاريع الأساسية أهمها ازدواج الخط الحديدي بين الدمام والرياض.
وفي نوفمبر عام 2003 طرحت المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السعودية مشروع
خط سكك حديد الغربية، بحيث يربط الرياض بميناء جدة على الساحل الغربي.
أهمية إستراتيجية
وعلى الرغم من إدراك العديدين لأهمية وضرورة السكة الحديد، إلا أنه ومع
الأسف تبقى تجربتها في السعودية متواضعة جداً. وهناك أكثر من حاجة لمشاريع
فورية لتخفيف العبء على الخطوط الجوية السعودية. فوجود خطوط سكة حديد تربط
ما بين جدة والرياض ضروري للغاية، وبالمثل خط ما بين جدة والمدينة، وخط ما
بين الرياض وأبها، وجدة وأبها كذلك، إضافة طبعاً إلى خطوط أخرى غيرها.
والمساحة الجغرافية الهائلة التي تشكِّل الأراضي السعودية تجعل السكة
الحديد مطلباً أساسياً وحيوياً وإستراتيجياً أيضاً، فهي حل اقتصادي شامل
يفي بالمتطلبات وبصورة ممتازة. وهناك العديد من التفسيرات التي تظهر بين
الحين والآخر على الساحة لتوضيح سبب التأخير في اعتماد السكة الحديد
وخطوطها الجديدة.
شبكة سكك حديد خليجية
وقد ظهرت إلى الوجود عام 2000 فكرة إقامة شبكة سكك حديدية تربط بين دول
مجلس التعاون الخليجي الست وهي المملكة العربية السعودية والإمارات
العربية المتحدة وقطر وسلطنة عمان والبحرين والكويت.
ويرى الخبراء أن مثل هذه الشبكة من شأنها زيادة الروابط التجارية بين بلدان المنطقة وتخفيف الازدحام المروري والتلوث.
ويقول الأمين العام للاتحاد العربي للسكك الحديدية مرهف صابوني إن هناك
اهتماماً واضحاً بالاستثمار في هذا القطاع حتى وإن كانت خطط بعض الدول
أكثر تطوراً من خطط دول أخرى.
ويضيف الدكتور صابوني أن شبكة حديد الخليج قد تكون نواة مشروع يربط كافة
مدن الشرق الأوسط أسوة بالشبكة الأوروبية التي تصل منذ زمن بعيد معظم
بلدان القارة الأوروبية, وهو ما سيعكف على دراسته مؤتمر حول مستقبل سكك
الحديد في الدول العربية تحتضنه دبي.
ويتوقع الدكتور صابوني أن يصبح التنقل بين دول الشرق الأوسط بعد 10 سنوات
عبر قطارات عالية السرعة، وشدد على أن هناك الكثير ينبغي عمله الآن وخاصة
أن طول سكك الحديد الخليجية يبلغ حوالي 2000 كيلومتر تبدأ من الحدود
العراقية الكويتية وتصل إلى عمان مروراً بالسعودية وقطر محاذية لساحل
الخليج العربي.
ربط بيروت ودبي بالقطار
وفي إطار محاولات لبنان تأكيد مكانته كمركز تجاري وسياحي رئيسي في المنطقة
العربية أعلن عن مشروع لبناني لإقامة خط سكك حديدية يربط بين مرفأ بيروت
ومدن وموانئ دول الخليج العربي، ومنها دبي.
وقال رئيس غرفة الملاحة الدولية في لبنان جوزف زخور إن هناك مشروعات يتم
إعدادها لربط مرفأ بيروت بمدن دول الخليج العربي، وخصوصاً دبي، عبر شبكة
سكك حديدية. ويضيف: أن بناء هذه الشبكة سوف يؤدي إلى ربط البحر الأبيض
المتوسط بالخليج العربي براً، ما يجعل مرفأ بيروت أهم محطة للترانزيت
البحري والبري في المنطقة. وفي حالة تنفيذ المشروع سيصبح بإمكان السفن
الآتية من القارتين الأمريكية والأوروبية أن تفرغ حمولتها في مرفأ بيروت،
حيث يعاد نقلها بالشاحنات أو السكك الحديدية إلى دول الخليج العربي، ومن
ثم بحراً إلى جنوب شرقي آسيا والشرق الأقصى. وبالإمكان الجزم أن الرحلة
بواسطة السكك الحديدية من المرفأ اللبناني إلى دبي لن تستغرق إلا ثلاثة
أيام فقط.
سوريا والسكك الحديدية
وكما ذكرنا آنفاً فقد كانت سوريا من أوائل الدول العربية التي دخلت عالم
السكك الحديدية وبخاصة منذ التفكير في مد خط سكك حديد الحجاز الشام وربطه
بدمشق عاصمة الإقليم السوري الذي لم يكن قد ظهر إلى الوجود بعد.
فقبل الحرب العالمية الأولى لم يكن هناك دولة اسمها سوريا وكانت بلاد
الشام عبارة عن ولايات عثمانية ذات تقسيم جغرافي مختلف. وبعد الحرب
العالمية الأولى تأسست مملكة هاشمية في سوريا تحت قيادة الملك فيصل بن
الحسين ولكنها لم تستمر طويلاً، حيث أطاحت بها قوات الاحتلال الفرنسي التي
حصلت على حق الانتداب على سوريا ولبنان في إطار تقسيم تركة الدولة
العثمانية في الشرق بين فرنسا وبريطانيا.
ورغم انهيار خط الحجاز الشام شهدت شبكة السكك الحديدية في سوريا تطورات
عديدة خلال الربع الثاني من القرن العشرين، حيث كان الاحتلال الفرنسي ينظر
إلى ضرورة وجود شبكة مواصلات جيدة باعتباره قيمة إستراتيجية تضمن تحقيق
أفضل عائد اقتصادي للاحتلال من ناحية وسهولة نقل القوات العسكرية لمواجهة
أي ثورة من ناحية أخرى. وبعد استقلال سوريا أواخر الأربعينيات استمر تطوير
شبكة السكك الحديدية باعتباره وسيلة نقل إستراتيجية.
تشكِّل شبكة السكك الحديدية الموجودة حالياً في سوريا، والتي يبلغ مجموع
أطوالها 2550 كم، بنى تحتية متميزة، وهي مؤلفة من مؤسستين أساسيتين، وهما
المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي ومقرها في دمشق، والمؤسسة العامة
للخطوط الحديدية السورية ومقرها حلب، وطبعاً إضافة لنقل الركاب، فهي تهتم
بنقل البضائع الزراعية والصناعية والفوسفات والنفط.. ولكن لا تزال الشبكة
تعاني من تدني عائدها الناجم عن نقص في العربات والمقطورات، وحاجة بعض
الخطوط إلى الصيانة، ولا تتجاوز الطاقة المستغلة حالياً عشرة ملايين طن من
أصل 83 مليون طن طاقة متاحة، وهي بحاجة إلى وصلات مع الدول المجاورة من
جهة، والقيام بتحديثها وتطويرها من جهة أخرى.
وعن واقع السكك الحديد في سوريا قال الدكتور شفيق داود مساعد وزير النقل
عن الوضع الراهن للسكك الحديدية السورية: (يوجد شكلان للخطوط الحديدية:
نظامي بطول 1435 ميل وخطوط ضيقة بطول 1050 ميل، وهذا يشكِّل نقصاً أو
عيباً في بنية شبكة النقل، بالإضافة إلى أنه لم يكن هنالك ارتباط بين
الموانئ ومناطق الإنتاج قبل عام 1970؛ ولذا تم افتتاح المحور الشرقي -
الغربي الذي يصل بين ميناء اللاذقية والمنطقة الشمالية - الشرقية الغنية
بمنتجاتها الزراعية والنفطية، مروراً بمدينة حلب التي تعد نقطة تقاطع
محوري للخطين الرئيسيين. وفي عام 1985- 1986 تم افتتاح خط دمشق - حمص،
الذي وصل وللمرة الأولى دمشق بشبكة الخطوط الحديدية السورية، بينما كانت
دمشق متصلة بالعاصمة الأردنية عمان عبر الخط الحديدي الحجازي (الخط
الضيق).
كما تم افتتاح خط دمشق ليكتمل المحور الشمالي الجنوبي أيضاً من دمشق - حلب
وصولاً إلى الحدود التركية بعد حلب ووصولاً إلى الحدود الأردنية عبر درعا
في إطار مشروع متكامل لإقامة خط سكك حديدية يربط إيران بالموانئ السورية
على البحر المتوسط مروراً بالعراق.
وشكلت عام 2000 عام النقلة النوعية في المؤسسة وعام التطوير الإداري لها،
وتم اختيار المؤسسة كنموذج لتطبيق برنامج التنمية الإدارية في سوريا؛ حيث
عملت الإدارة لأول مرة على تسيير قطار بين دمشق وإستانبول، وآخر بين حلب
والموصل فضلاً عن قطار دمشق - طهران؛ وأكد الدكتور شفيق داود أنه (في سياق
التطوير تقوم حالياً وكالة التعاون الدولية اليابانية (الجايكا) بدراسة
تطوير وتفعيل النقل بالخطوط الحديدية السورية، وقدمت بالفعل في أبريل 2000
المخطط الرئيسي لتطوير الشبكة الحديدية وتألف فريق الدراسة 14 خبيرًا
يابانيًا). وأضاف أن الدراسة تشتمل إنشاء خطوط جديدة، كوصلات إلى دول
الجوار، أو استكمال وصلات لم تتم بعد، وأيضاً تحديث نظام الاتصالات
والإشارات، وزيادة السرعة، وبإزالة التقاطعات في مستوى واحد وبناء المعابر
والجسور، ووضع خطة لتأهيل الخطوط القديمة باستبدالها ورفع كفاءتها.
وحدد د. كورودا رئيس فريق العمل في الدراسة متطلبات التطور في ضرورة زيادة
قطارات الركاب وعربات النوم والقطارات السريعة وقطارات الشحن ونظام آمن
للإشارات يقوم على اعتماد الحجز الآلي، وإنشاء خط مزدوج في بعض المقاطع،
وتزويد الخطوط بإشارات ضوئية ملونة، وأجهزة تشابك إلكترونية، وأجهزة آلية
لإيقاف القطارات على كل المقاطع، واعتماد نظام التحكم المركزي بالقطارات
يكون مركزه في حلب، ودير الزور وحمص دمشق واللاذقية - ويشمل التطوير أيضاً
الأدوات المحركة والمتحركة وتنظيم العمل في الورشات والمستودعات؛ حيث نصحت
الدراسة بإنشاء عدة ورشات للقاطرات والشاحنات والعربات. كما أوصت بوضع
نظام إشارات اتصالات متطور وجيد، وتوسيع حجم العمل في الشبكة بحيث تصبح في
عام 2020 قادرة على شحن 44.388 ألف طن. وفي تحليلها المالي لعائد التطوير
بينت الدراسة أن العائد الاقتصادي الداخلي لتشغيل الخطوط الحديدية يساوي
23.2% بينما التكلفة الرأسمالية هي 12% وبالتالي فإن المخطط العام ذو جدوى
اقتصادية.
إحياء خط الحجاز
وأكّدت الدراسة التي أعدتها هيئة المعونة الدولية اليابانية (الجايكا)
لصالح مؤسسة السكك الحديدية السورية على ضرورة تطوير الخط الحديدي الحجازي
بناء على الدور المستقبلي لهذا الخط في نقل البضائع لمسافات طويلة من وإلى
عمان وصولاً إلى المملكة العربية السعودية، ودوره في تشجيع السياحة، خاصة
وصلة سرغايا، من خلال ثمانية أزواج من القطارات أسبوعياً في الصيف.
وتوقعت الدراسة أن يصل عدد السياح من دمشق إلى سرغايا عام 2020 إلى
177.519 ألف سائح، أيضاً يمكن أن يكون الخط الحجازي وسيلة جيدة للنقل إلى
مطار دمشق الدولي، فمن المتوقع أن يصل عدد المسافرين جواً عام 2020 نحو
1.7 مليون مسافر بمعدل 60 إلى 70 رحلة طيران يومياً، وهذا يعني استعمال 20
ألف مسافر للخط الحديدي يومياً.
أيضاً يمكن أن يساهم الخط الحجازي في النقل الحضري بمدينة دمشق من خلال
تطوير خط (فقطنا) وإنشاء خطوط حديدية حضرية أخرى في المدينة، وهنا يمكن
القول: إن مؤسسة الخط الحجازي يمكن أن تكون مرشحة لتشغيل نظام النقل
المحدد، إلا أن ذلك يحتاج إلى أموال كبيرة، فمثلاً إعادة تأهيل خط درعا
يتكلف 736 مليون ليرة سورية، وتغيير مسار القدم - الحجاز (584 مليون
ليرة). وإعادة تأهيل سرغايا (352 مليوناً) وإعادة تأهيل خط قطنا يكلِّف
443 مليون ليرة.