قانون الهجرة الجديد لم يؤت ثماره
أميت كولكارني قدم إلى ألمانيا "بالبطاقة الخضراء"
دخل قانون الهجرة الجديد في شهر يناير 2005 حيز التنفيذ بهدف تعويض نقص
الخبرات والكفاءات الأجنبية في سوق العمل الألمانية في المجالات العملية
والتكنولوجية. لكنه لم ينجح في استقطاب أفضل العقول والكفاءات الأجنبية. من
يريد القدوم إلى ألمانيا والعمل فيها كخبير أو متخصص في مجال مطلوب في سوق
العمل الألمانية ينبغي عليه التحلي بالصبر والجلد. "فبينما تصل الموافقة
على التوظيف إلى القنصلية الألمانية في الهند ومن ثم إلى مكتب شؤون العمل
في ألمانيا، وبعدها إلى مديرية شؤون الأجانب لتعود مجددا إلى القنصلية
الألمانية في الهند، فإن هذه العملية تستغرق مدة شهر ونصف"، حسب ما يقول
زانديب غاتما، الخبير الهندي في تكنولوجيا المعلومات والعامل في ألمانيا.
كما يضيف غاتما قائلاً: "مدة ثلاثة أشهر لإعطاء تأشيرة عمل لخبير قادم من
الخارج مدة طويلة جداً". ويعمل غاتما لدى فرع شركة متخصصة في تكنولوجيا
المعلومات في مدينة دوسلدورف وهو يعلم جيداً أن عدم توفر الخبرات
والكفاءات بشكل كافي في هذا المجال في سوق العمل الألماني بسبب
البيروقراطية المستشرية في ألمانيا يضر العمل بشكل كبير، ذلك أن الكثير من
الطلبات لا تستطيع الانتظار، لأنه ليس بوسع الزبائن ليس الانتظار لمدة
ثلاثة أشهر لتنفيذ طلباتهم.
ألمانيا بحاجة إلى كفاءات أجنبية Bildunterschrift: جدل حول قانون الهجرة الجديد بين الحكومة السابقة والمعارضةريناته كلوزنير العاملة لدى هيئة التبادل الثقافي الألماني تعلم جيدا أن
ألمانيا بحاجة إلى كفاءات وخبرات أجنبية وهي قلقة بشأن أعداد الجيل الناشئ
في الجامعات الألمانية، لذلك فهى تقول أن ألمانيا تعاني من نقص كبير في
بعض المجالات كمجال العلوم الطبيعية والبيولوجية والهندسية، وخصوصا إذا ما
تعلق الأمر بعدد طلبة الدراسات العليا.
أما
ديتر فيفلشبوتس السياسي في الحزب الديموقراطي الاجتماعي فيعتبر أن سباق
ألمانيا للحصول على كفاءات وخبرات أجنبية بطيء للغاية ويصفه بالنهج الخطأ
ويؤكد "أن تقدم لنا معروفاً بقدومها إلينا وليس العكس". فيفلشبوتس ينوي
تحسين قانون الهجرة الجديد الذي تم إقراره في عهد الحكومة الألمانية
السابقة في عام 2005، وتم فرض قيود كثيرة عليه من قبل المعارضة آنذاك خشية
هجرة أعداد هائلة على ألمانيا.
قانون مشبع بالقيود Bildunterschrift: ألمانيا بحاجة لكفاءات أجنبيةوبعد مرور عام على إقرار قانون الهجرة الجديد يرى فيفلشبوتس أن النتائج
جاءت على عكس المتوقع. فعدد الكفاءات الأجنبية الذين قدمت إلى ألمانيا
بموجب قانون الهجرة الجديد وصل إلى نصف عدد الذين قدموا عن طريق قانون
"البطاقة الخضراء"، وهذا سبب كاف سيدفع فيفلشبوتس للعمل على تحسين قانون
الهجرة الجديد. وفي هذا السياق يقول فيفلشبوتس: "نجد أنفسنا في منافسة
قوية مع الدول الأخرى للفوز بهذه الخبرات والكفاءات" ويضيف "في حال قدم
إلى ألمانيا بعض المئات فقط من أصحاب الكفاءات والخبرات بموجب القانون
الجديد، فإنما ذلك دليل على أننا بالغنا في تخوفنا وبيروقراطيتنا". يذكر
أن ألمانيا شهدت قدوم أكثر من 10 آلاف خبير ومتخصص في مجال تكنولوجيا
المعلومات في الأشهر الأولى على قرار قانون البطاقة الخضراء في عام 2000
من قبل الحكومة الألمانية السابقة برئاسة غيرهارد شرودر وذلك على غرار
النموذج الأمريكي. لكن وبعد الانتكاسة التي شهدتها أسواق تكنولوجيا
المعلومات في ألمانيا فيما بعد أدت إلى تراجع الطلب على هذه الكفاءات.
وفي
نظر كلاوس شولديس العامل لدى مكتب شؤون العمل الألماني فإن "البطاقة
الخضراء لم تكن إخفاقا أو فشلا كما كان يعتقد الكثيرون، بل يرى أنها شكلت
تحولا كبيراً فيما يتعلق بفلسفة قانون حق العمل في ألمانيا" التي كانت
سائدة حتى ذلك الوقت.
ألمانيا معبر للكفاءات الأجنبية r Bildunterschrift: جلب الكفاءات يعود لتقصير السياسيينحل قانون الهجرة الجديد محل "البطاقة الخضراء في شهر يناير 2005. صحيح أن
القانون الجديد قد فتح الباب أمام الكفاءات والخبرات الأجنبية للقدوم إلى
ألمانيا، لكن التدابير المصاحبة له لم تكن مشجعة، وخصوصا فيما يتعلق
بالتسهيلات المقدمة لعائلات هذه الكفاءات الأجنبية كحق الزوجة بالعمل
مثلا. هذا فضلاً عن انتظار زوجة القادم لسنوات عديدة من أجل الحصول على
تصريح للعمل، وهو ما دفع الكثير من هذه الكفاءات إلى استغلال أول فرصة
سانحة والتوجه إلى بلد آخر يسمح فيه للزوجة بالعمل، فضلا عن مسالة تعلم
اللغة الألمانية والتي تلعب دورا كبيرا في تقييم جاذبية ألمانيا كبلد
للعمل. وفي هذا الخصوص يقول الخبير الهندي غاتما: "إذا سألت شخصاً ما إذا
يود الذهاب والعمل في ألمانيا، فإنه سيتردد في البداية قبل موافقته، لكن
إذا سألته فيما إذا يود السفر إلى بريطانيا أو أميركا الشمالية، فغالبا ما
يقبل فورا ودون تردد".
ويرى
السياسي الألماني فيفلشبوتس أن التقصير ليس من جانب الاقتصاد، بل هي
السياسية المسئولة بالدرجة الأولى عن هذا التقصير وأنه لابد من معالجة ذلك
في المتقبل القريب.